Listen text or icon
استخدام منخفض الكربون

برنامج "مصدر" التجريبي لتحلية المياه بالاعتماد على الطاقة المتجددة يظهر إمكانية تحقيق الجدوى التجارية لتحلية المياه بالطاقة الشمسية

17 يناير 2018
564
الأخبار الطاقة النظيفة

 أعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" اليوم، عن نتائج برنامجها التجريبي لتحلية المياه بالاعتماد على الطاقة المتجددة في منطقة غنتوت بالعاصمة أبوظبي خلال جلسة أقيمت ضمن القمة العالمية للمياه التي تُعقد خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2018.

وكانت "مصدر" قد منحت من خلال البرنامج خمسة عقود لإقامة مشاريع تجريبية في محطة غنتوت بهدف استكشاف جدوى استخدام الطاقة المتجددة في تحلية مياه البحر، إلى جانب اختبار تقنيات تحلية جديدة ذات كفاءة في استهلاك الطاقة.

ونُشرت نتائج المشروعات التجريبية في تقرير تم استعراضه خلال جلسة عقدت في القمة العالمية للمياه تحت عنوان "تحلية المياه الموفرة للطاقة: نتائج من الدراسات التجريبية في غنتوت". وكشفت نتائج التقرير أن تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية باستخدام تقنيات التناضح العكسي تمثل حلاً مستداماً ينطوي على مزايا تجارية وتكلفة منخفضة.

وتظهر هذه النتائج أن تنويع تقنيات التحلية في المنطقة يمكن أن يساعد في الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز أمن المياه على كوكب الأرض الذي يعاني من نقص مياه الشرب النظيفة على الرغم من وجود المحيطات التي تغطي أكثر من 71٪ من سطحه وما يزيد على 1400 مليون كيلومتر مكعب من المياه. وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر دول العالم التي تعاني من شح المياه، وتعد دول مجلس التعاون الخليجي من أكبر منتجي المياه المحلاة على مستوى العالم، حيث تستحوذ على نحو 45٪ من الإنتاج العالمي من المياه المحلاة. وتوفر مياه التحلية 31٪ من إجمالي إمدادات المياه في إمارة أبوظبي وتعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب فيها.

وتواجه دول مجلس التعاون الخليجي تحدياً يتمثل في أن معظم محطات تحلية المياه لديها هي محطات التوليد المشترك التي تعتمد على الحرارة وتستهلك الكثير من الطاقة لتحويل مياه البحر إلى مياه عذبة. ويترتب على عمليات معالجة المياه القائمة على الحرارة تكلفة مالية وبيئية عالية، إذ تستهلك مثل هذه المحطات طاقة أكثر بمقدار 3.5 ضعف مقارنة بمحطات التناضح العكسي الحديثة، فضلاً عن مساهمتها في البصمة الكربونية المرتفعة بالمنطقة. فهناك حاجة ملحة إلى إيجاد تقنيات تتيح تحلية المياه وفق أساليب مستدامة وبكفاءة في استهلاك الطاقة، وذلك للحد من التأثير السلبي لعمليات التحلية على البيئة وضمان تلبية الطلب المتنامي على مياه الشرب.   

وفي معرض تعليقه على البرنامج، قال معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والصناعة في دولة الإمارات: "تمثل المياه عنصراً أساسياً في عملية التنمية الصناعية والاقتصادية والاجتماعية، ويمن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي عليها بنسبة 55% بحلول العام 2050. وفي الوقت الذي تشهد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرة تنمية متسارعة، إلا أنها لا زالت واحدة من أكثر دول العالم التي تعاني من ندرة المياه، إذ توفر أكثر من 90% من حاجتها من مياه الشرب عبر تحلية المياه. لهذا يتوجب علينا ابتكار وتطوير حلول تعتمد على تقنيات مستدامة ونظيفة يمكنها تلبية الطلب المتزايد على المياه. وبدورها تلتزم دولة الإمارات بتحقيق ذلك، حيث تسعى من خلال محطة غنتوت التجريبية لتحلية المياه بالاعتماد على الطاقة المتجددة وغيرها من البرامج المماثلة إلى تحقيق الأهداف التي أقرتها استراتيجية الإمارات للطاقة 2050".

ويشمل البرنامج التجريبي خمس محطات رائدة تعمل جنبا إلى جنب هي أبينغوا وسويز وفيوليا / سيديم وتريفي سيستمز وماسكارا للمياه المتجددة. وقامت كل محطة تجريبية باختبار تقنيات مختلفة لتحلية مياه البحر، بهدف تطوير تقنيات لتحلية المياه ذات كفاءة أكبر في استهلاك الطاقة، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحقيق تكلفة تنافسية مقارنة بالحلول التي تعتمد على مصادر الطاقة التقليدية، والحد من الآثار السلبية على البيئة.

وعمل البرنامج وشركاؤه على تجريب تقنيات تحلية مبتكرة ومتقدمة، للمساعدة على سد الفجوة بين حلول التحلية الواعدة التي ما زالت قيد البحث وتحويلها إلى تقنيات مجدية تجارياً.  

ومن جانبه، قال محمد جميل الرمحي الرئيس التنفيذي لشركة "مصدر": "لا يزال العالم يواجه نقصاً في المياه النظيفة الصالحة للشرب. ويمثل ذلك تحدياً للعديد من دول العالم، حيث تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى إنتاج المياه وفق أساليب تحقق كفاءة في التكلفة واستهلاك الطاقة. وقد قاد برنامجنا لتحلية المياه بالطاقة المتجددة في غنتوت إلى العديد من النتائج الهامة بخصوص تطوير هذه التقنيات تجارياً في المستقبل، ما يسهم في خفض الكلفة واستهلاك الطاقة اللازمة لتحلية مياه البحر وبالتالي ضمان أمن المياه للأجيال القادمة".

وشهد البرنامج التجريبي العديد من الإنجازات التي تحققت منذ تدشينه في عام 2013. وكانت الشركة الفرنسية الناشئة "ماسكارا" قد انضمت إلى هذا المشروع الذي تقوده "مصدر" في أكتوبر 2016 لتصبح الشريك الدولي الخامس فيه. وتعتمد تكنولوجيا ماسكارا على ربط تكنولوجيا تحلية المياه بالتناضح العكسي مع الطاقة الشمسية. وبدأت "مصدر" في مايو 2017 اختبار ثلاثة أنظمة متطورة تعمل على تجميع الطاقة الحرارية من الشمس واستخدامها كبديل عن حرق الغاز الطبيعي في عملية تحلية مياه البحر. وقامت "مصدر" بمراقبة فعالية وكفاءة التكلفة في أنظمة التجميع الثلاثة ومدى ملاءمتها للتطبيق بشكل أوسع، والتي تم توفيرها من قبل "إمبريال إنيرجي سيرفيسز" و"إمسول إنوفاتيونس" و"غرينونيتيك".

ويشارك معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، الذي اندمج ضمن جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في فبراير 2017، بدور رئيسي في البرنامج منذ عام 2015، حيث قام باحثوه بتطوير تقنيات التحلية الحالية، إلى جانب طرح أساليب جديدة أكثر استدامة وأقل تكلفة بهدف تحقيق الأهداف المنشودة.

وقال الدكتور ستيفن غريفيث، نائب الرئيس التنفيذي للأبحاث بالوكالة في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: "إن تحلية المياه بطرق مستدامة اعتماداً على الطاقة المتجددة وتصاميم ذات كفاءة في استهلاك الطاقة للحد من تأثير عملية التحلية على البيئة، يمثل أولوية بالنسبة إلى معهد مصدر الذي يندرج الآن ضمن جامعة خليفة. ونحن فخورون بالمشاركة الرامية إلى تحقيق هذا الهدف، خصوصاً وأن تحلية المياه توفر نسبة كبيرة من حاجة دولة الإمارات من المياه الصالحة للاستخدام المنزلي. ومن المتوقع أن تزداد أهمية ودور هذه التقنيات في توفير حاجة المنطقة ككل من المياه العذبة".  

وقال فنسنت بوجات من فيوليا: "أتاحت شراكتنا مع مصدر في برنامج غنتوت التجريبي لتحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، فرصة فريدة لتقييم عمليات تطوير تقنيات تحلية المياه لدينا، وأتاح لنا التعاون بين جميع الأطراف الحصول على بيانات قيمة ستساعد على تنفيذ هذه الحلول في إطار تجاري واسع النطاق. وإننا ونتطلع إلى المضي قدما في تطوير هذه التقنيات التي جرى اختبارها".

وأشاد جون ويبلي، الرئيس التنفيذي لـ"تريفي سيستمز" بالشراكة والتسهيلات الفريدة المقدمة من "مصدر" قائلاً: "نشعر بالفخر لاختيارنا من قبل مصدر للمشاركة في تحدي تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة. فقد أتاح لنا ذلك الفرصة لبناء محطة تجريبية كبيرة وتطبيق هذه التكنولوجيا على أرض الواقع. وهو ما مكننا من تحسين المكونات الرئيسية للتصميم، وجمع بيانات في غاية الأهمية. لقد وفرت شركة مصدر محطة مثالية لأبحاث تحلية المياه، كما كان لدعمها المالي والتقني خلال المشروع دور أساسي في نجاحنا".

وسيستمر هذا البرنامج في توفير منصة اختبار لتقنيات تحلية المياه الموفرة للطاقة ومحطات تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، والمساهمة في تطوير الحلول المبتكرة اللازمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة الخاصة بأمن المياه.